المنظمة الفلسطينية- شرعية مفقودة وإصلاح متعثر وقيادة خارج التاريخ

المؤلف: د. محسن محمد صالح09.09.2025
المنظمة الفلسطينية- شرعية مفقودة وإصلاح متعثر وقيادة خارج التاريخ

إن محاولتك الجادة لإصلاح أو إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية ستواجه بـ "البطاقة الحمراء" بلا أدنى شك، وسيتهمك "السدنة" المتشبثون بـ "الشرعية" بالتآمر وإخراجك قسرًا من الصف الوطني، إذا تجرأت على بذل أي جهد جماعي بنّاء لدفع عجلة إصلاح المنظمة المتوقفة إلى الأمام.

هناك إصرار مستغرب من قيادة المنظمة على إبقائها مجرد هيكل باهت، جسدًا خاليًا من الروح ملقى في "غرفة الإنعاش"، واستحضارها فقط عند الحاجة لتبرير سلوك القيادة أو للتصديق بشكل شكلي على قراراتها المصيرية. فالمؤسسات غائبة عن الفعل، والدوائر الرسمية معطلة، ولا يوجد تمثيل حقيقي للناس وهمومهم، ولا استيعاب للكفاءات والقدرات الهائلة الكامنة لدى الشعب الفلسطيني، مع تهميش شبه كامل لفلسطينيي الخارج الذين يمثلون ثقلاً ديمغرافيًا واستراتيجيًا لا يُستهان به.

يحدث هذا كله، في مرحلة هي الأشد قسوة والأكثر صعوبة في تاريخ الشعب الفلسطيني بأكمله، حيث يستهدف وجوده بالشطب والإلغاء الممنهج؛ وحيث تُرتكب أبشع المجازر و تُسفك الدماء بغزارة، ولا يترك العدو الصهيوني حجرًا على حجر في قطاع غزة المحاصر، وحيث يُهوّد الأقصى والقدس والضفة الغربية على قدم وساق، وتتصاعد مخططات الضم الاستيطاني والتهجير القسري، بما في ذلك التلويح بإغلاق ملف السلطة الفلسطينية نفسها؛ بينما تعيش القيادة الرسمية "المتفردة" في زمن آخر، خارج حركة الحياة الصاخبة وخارج حركة التاريخ المتسارعة.

وعلى مدار عقدين من الزمن تقريبًا، شارك كاتب هذه السطور، جنبًا إلى جنب مع المئات والآلاف من الرموز والشخصيات الفلسطينية البارزة والقوى الوطنية الفاعلة للدفع بكل قوة باتجاه إعادة ترتيب البيت الفلسطيني المتهالك على أسس راسخة من النزاهة والشفافية والتمثيل الشعبي الحقيقي الذي يعكس طموحات وآمال الشعب؛ وعُقدت مئات المؤتمرات والاجتماعات وحلقات النقاش المستفيضة، ووُقّعت عشرات العرائض والمذكرات المطلبية، ولكن النتائج حتى الآن لم تتجاوز "الصفر" المؤسف بكل ما تعنيه الكلمة!

لم تكن المشكلة يومًا في الأفكار الخلاقة ولا في الآليات المقترحة ولا في البيئات الشعبية المتعطشة للتغيير، ولكن العقدة كانت تقف في نهاية المطاف عند قيادة المنظمة (التي هي نفسها قيادة سلطة رام الله وقيادة حركة فتح)... عقدة انعدام الإرادة السياسية الحقيقية للإصلاح والتغيير المنشود.

في السطور القادمة سنحاول جاهدين تلخيص أبرز إشكاليات هذه القيادة التي تدعي "الشرعية الفلسطينية":

1- إشكالية التماهي الزائف بين القيادة والمنظمة:

وهذا تماهٍ مصطنع ومُضلل، يخلط بشكل متعمّد ومكشوف بين منظمة التحرير ومكانتها السياسية والتاريخية والمعنوية الراسخة وأدوارها ومهامها المقدسة ومؤسساتها العريقة، وبين قيادتها التي هي مجرد حالة مؤقتة تخضع للنقد البناء والمحاسبة الدقيقة وإمكانية التغيير والتداول السلمي للسلطة.

وعلى طريقة الملك لويس الرابع عشر الذي حكم فرنسا قبل حوالي أربعمائة عام، وكان رمزًا للحكم المطلق المستبد، وفق تعبيره الشهير "أنا الدولة والدولة أنا"؛ يُصبح نقد القيادة الحالية بمثابة الطعن في المنظمة نفسها وتقويض أركانها. ويُعطي المتحكمون بالمنظمة لأنفسهم مكانة متجاوزة لا تمنحهم إياها لا لوائح منظمة التحرير نفسها، ولا إرادة الشعب الفلسطيني الحر الأبي نفسه؛ مما يجعل أي عملية إصلاحية حقيقية معقدة وشاقة وبعيدة المنال.

إن شرعية المنظمة التاريخية لا تعني بالضرورة شرعية القيادة الحالية، خصوصًا عندما تتجاوز هذه القيادة مدتها القانونية المنصوص عليها، وتتجاوز كافة اللوائح والأنظمة الداخلية، وتتجاهل بشكل سافر الإرادة الشعبية المطالبة بالتغيير والإصلاح.

2- إشكالية اعتبار أي محاولة للإصلاح استهدافًا للإلغاء:

فالقيادة المتنفذة في المنظمة لديها حساسية مفرطة وردود فعل هستيرية تجاه أي جهد جماعي فلسطيني مخلص ونزيه، يسعى لتفعيل منظمة التحرير وإصلاحها من الداخل وإعادة بنائها على أسس متينة، أو يكشف جوانب الضعف والقصور والعجز المتراكمة في المنظمة ومؤسساتها ودوائرها المختلفة، ويدعو بالتالي لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة أو لتوافق وطني شامل يعكس بشكل حقيقي حجم القوى الفاعلة على الأرض، ويستوعب بشكل فعال فلسطينيي الداخل والشتات.

ومهما كان هذا الجهد وطنيًا صادقًا ويقوم عليه شخصيات ورموز وتجمعات فلسطينية مخلصة وأصيلة؛ فإن القيادة وأبواقها الإعلامية سيعدُّون ذلك تآمرًا سافرًا على منظمة التحرير ومكانتها وشرعيتها المزعومة.

وفي نظر هذه القيادة، يُوضع الشرفاء المخلصون الذين يريدون للمنظمة استعادة قوتها وعزتها وريادتها، في خندق واحد مع الصهاينة والأميركان الذين يسعون جاهدين لشطب المنظمة وإلغائها وإغلاق الملف الفلسطيني إلى الأبد. بينما في الحقيقة، فإن إبقاء المنظمة على حالها المزري المهمَّش منعدم الفاعلية، هو أكبر خدمة مجانية لأعداء فلسطين وقضيتها العادلة.

ولذلك، لم تتوانَ قيادة المنظمة أبدًا عن شن الهجوم الإعلامي الشرس، وتوجيه سيل من الاتهامات الباطلة إلى المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج- الذي يمثل المؤتمر الشعبي الفلسطيني 14 مليونًا- والمؤتمر الوطني الفلسطيني (الذي عقد في الدوحة)… وغيرها من الفعاليات والجهود الوطنية؛ لأن هذه الحراكات تكشف حجم الثغرات الهائلة ومدى تقصير القيادة بحق شعبها وقضيتها، وتهدّد مكانتها ومكاسبها الذاتية الآنية.

3- شرعية التعطيل الممنهج لا شرعية التفعيل البناء:

فقيادة المنظمة (التي هي نفسها قيادة فتح) تُعطّل بشكل ممنهج أعمال دوائر المنظمة ومؤسساتها المختلفة، وتفقدها أي فاعلية حقيقية، وتجعل المنظمة مجرد بند هامشي في ميزانية سلطة رام الله التي ترزح تحت نير الاحتلال.

كما تحتكر الهيمنة المطلقة على الاتحادات والنقابات والجاليات الفلسطينية في الخارج، وتبقيها في حالة "موت سريري" مستمر، وتمنع إعادة تشكيلها وتفعيلها واستيعابها لكافة المكونات الفلسطينية المتنوعة، وإطلاق طاقاتها الهائلة الكامنة في خدمة قضية فلسطين المصيرية. وينطبق ذلك على عشرات الاتحادات والنقابات الفاعلة في الخارج كالأطباء والمهندسين والمعلمين والطلاب والمحامين وغيرهم الكثير.

وإذا ما قامت أي جهة وطنية بمحاولة التفعيل أو تشكيل أطر نقابية جديدة فإنها تُتَّهم فورًا "بالخروج عن الشرعية" وغيرها من التهم الجاهزة "المُعلَّبة" سلفًا.

4- شرعية الفصيل الواحد لا شرعية التمثيل الشامل:

هناك إصرار عنيد وواضح من قيادة المنظمة على احتكار فصيل فلسطيني واحد (فتح) للهيمنة على المنظمة ومؤسساتها. وبالرغم من وجود فصائل قوية وفاعلة وذات شعبية واسعة في الساحة الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي، فإن قيادة المنظمة تغلق الباب بإحكام أمام أي عملية استيعاب حقيقية لهذه الفصائل تعكس وزنها الشعبي الحقيقي، ويتم اختلاق كافة الذرائع والحجج الواهية والمعوقات المصطنعة لتهميشها وإقصائها، وإبقاء حالة الهيمنة المطلقة بيد الفصيل الواحد.

وعلى الرغم من كثرة الحديث عن الوحدة الوطنية المنشودة، وإنهاء الانقسام المرير، وإنفاذ اتفاق القاهرة الموقّع، فإن التهرّب المستمر من استحقاق الانتخابات العامة- كما حدث في سنة 2021، ووضع شروط وتعقيدات تعجيزية ليست مرتبطة بالضوابط اللائحية الخاصة بالمنظمة- يظل سلوكًا متعمدًا ومعتمدًا لدى هذه القيادة المتشبثة بالسلطة.

5- شرعية الاستحواذ واحتكار القرار المصيري:

تسيطر القيادة الحالية بقوة الأمر الواقع على منظمة التحرير الفلسطينية، وتُعطّل بشكل كامل أي انتخابات حرة ونزيهة تعكس الأوزان الحقيقية للقوى الفلسطينية المختلفة، وتتجاهل بشكل سافر الإطار القيادي المؤقت المتفق عليه.

وبالرغم من معرفتها التامة -وفق كل استطلاعات الرأي المستقلة- أنها لا تمثل الأغلبية الفلسطينية في الداخل والخارج، فإنها تُصرّ بإصرار غريب على ممارسة كافة الصلاحيات السيادية والدستورية العليا، حتى تلك التي تمس المصالح العليا للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة؛ فتتحدث باسم الجميع وعن الجميع وعوضًا عن الجميع.

6- شرعية أوسلو المشؤومة لا شرعية الميثاق الوطني الأصيل:

لم يعد الانتساب إلى منظمة التحرير مرتبطًا بالالتزام بالميثاق الوطني الفلسطيني الأصيل، ولا بالثوابت الوطنية الفلسطينية الراسخة؛ لأن قيادة المنظمة نفسها هي التي رعت تعطيل الميثاق بشكل كامل، وإلغاء بنوده الصريحة المتعارضة مع مسار التسوية المذل، ولأنها تنازلت عن معظم أرض فلسطين التاريخية لصالح العدو الصهيوني الغاصب، كما تنازلت عن حق الشعب الفلسطيني المقدس في المقاومة المسلحة المشروعة، بل والتزمت بالتنسيق الأمني مع العدو ومطاردة المقاومين وقمعهم.

وفوق ذلك اشترطت على من ينضم إلى منظمة التحرير الموافقة المسبقة على تعهداتها والتزاماتها تجاه العدو، وجعلت اتفاقات أوسلو الكارثية حاكمة على المبادئ والقواعد التي نشأت منظمة التحرير على أساسها!

وأصبح العمل على إخراج منظمة التحرير من مستنقع أوسلو الآسن وإعادتها إلى دورها الطبيعي الذي نشأت من أجله هو التهمة الكبرى؛ بينما أصبح القيام بأدوار معاكسة تمامًا هو شعار "العمل الوطني" لهذه القيادة.

7- شرعية التمديد والتأبيد في السلطة:

مع إغلاق الأبواب بإحكام في وجه مشاركة قوى فاعلة ووازنة في الساحة الفلسطينية، ومع تعطيل عمل المجلس الوطني الفلسطيني الذي لم ينعقد على مدار 34 عامًا (منذ 1991) إلا ثلاث مرات فقط، وتحت الاحتلال الإسرائيلي، وأخذ طابعًا إجرائيًا ووظيفيًا شكليًا (1996، و2009، و2018)؛ خلا المجال تمامًا لقيادة المنظمة للتمديد المستمر لنفسها، ولترتيب ملء الفراغات عند الحاجة؛ دون وجود أي بيئة فعالة تسمح بتداول حقيقي للسلطة، أو تضخ دماء شابَّة جديدة في القيادة التنفيذية والتشريعية الفلسطينية.

8- شرعيه الاستقواء بالعكازات الخارجية في مواجهة الإرادة الشعبية:

في الوقت الذي تتهرب فيه قيادة المنظمة من أي استحقاقات انتخابية حرة ونزيهة تُعبّر بصدق عن الإرادة الحرة للشعب الفلسطيني؛ فإنها تمارس "شرعيتها" المزعومة مستندة إلى الاعتراف الرسمي العربي والدولي بها، وكذلك الاعتراف الإسرائيلي بها؛ وإلى معاداة أو خصومة هذه البيئات لخط المقاومة الوطنية وتيارات "الإسلام السياسي".

وتستفيد من هذه "الميّزة" في التعامل بالأمر الواقع مع القوى الفلسطينية الوازنة، وفي مواجهة الإرادة الشعبية المتطلعة للتغيير والإصلاح الشامل. وبالطبع فإن الأثمان المدفوعة هائلة جدًا في مقابل الحفاظ على هكذا "رضا" وعلى هكذا "شرعية" زائفة! لأنها شرعية مُصمَّمة خصيصًا على مقاسات المطبِّعين والخصوم والأعداء؛ وتم تكييفها بدقة وفق معاييرهم الخاصة.

9- شرعية ممارسة السلطة تحت نير الاحتلال:

وهي شرعية يتم ممارستها تحت سقف الاحتلال وتحت أعين الاحتلال الساهرة؛ فالقيادة التنفيذية تعقد اجتماعاتها الدورية تحت الاحتلال ورقابته، وكذلك المجلس المركزي الفلسطيني، والمجلس الوطني الفلسطيني.

فكيف يمكن المحافظة على "القرار الوطني الفلسطيني المستقل" في ظل هذه الظروف؟ وكيف يمكن تمثيل أكثر من نصف الشعب الفلسطيني المغترب والمقيم في الخارج؟ وكيف يمكن إدارة مشروع "التحرير" الوطني المقدس تحت أعين من يعمل ليل نهار على اجتثاث الشعب الفلسطيني وقمع نضاله المشروع ومصادرة أرضه ومقدساته وتهجيره من وطنه قسرًا؟!

كانت منظمة التحرير قبل اتفاق أوسلو تعلم جيدًا مخاطر ضغط الاحتلال، لذلك عقدت كل اجتماعاتها وفعالياتها في الخارج، وجعلت تمثيل الداخل الفلسطيني في المجلس الوطني بنحو 180 عضوًا، ولكنهم غير معلني الأسماء، ولا يشترط حضورهم الفعلي، وغير محتسبين في نصاب الانعقاد القانوني، لأنهم يرزحون تحت نير الاحتلال.

10- من الشرعية المقاوِمة للاحتلال إلى مقاوَمة المقاوَمة الباسلة:

فإذا كانت منظمة التحرير قد أُنشئت في الأصل لتحرير فلسطين كاملة من نهرها إلى بحرها بالكفاح المسلح، وإذا كانت حركة فتح قد تبوأت قيادة المنظمة نتيجة لأدائها المقاوم المشهود؛ فإن شرعية القيادة ما بعد أوسلو قد انتقلت بشكل كامل إلى "مقاومة المقاومة" الباسلة، ومنع العمل المسلح ضد الاحتلال، والتنسيق الأمني الوثيق مع العدو في مطاردة المقاومين الأبطال وقمعهم، حتى في أجواء المجازر والدمار الشامل في غزة، وأجواء التهويد المتسارع والتهجير القسري وامتهان كرامة السلطة وإضعافها المستمر في الضفة الغربية المحتلة.

نحن الآن إذ نواجه ظرفًا تاريخيًا حاسمًا و دقيقًا للغاية، وجراحنا تنزف بغزارة في كل مكان، ونواجه تحدّيات وجودية تتمثل في الضم والتهجير والإلغاء، نحتاج بشدة إلى قيادة رسالية حكيمة، ذات دينامية عالية وقدرة فائقة على الفعل والإنجاز، قادرة على تفعيل طاقات الشعب الفلسطيني ومؤسساته المختلفة، وتفعيل الأمة العربية وأحرار العالم قاطبة لمواجهة المشروع الصهيوني الخبيث.

غير أننا على أرض الواقع نشعر بفجيعة كبيرة (ومنذ سنوات طويلة) إزاء وجود قيادة منفصلة عن الواقع وتائهة في غياهب التاريخ، ما زالت تعيش أوهام أوسلو البائسة حتى بعد أن تجاوزها الاحتلال نفسه، وجعل سلطة رام الله نفسها في مهب الريح. وفي الوقت نفسه، يطالب أكثر من 85% من الشعب الفلسطيني (في الضفة والقطاع) باستقالة محمود عباس وفقًا لنتائج استطلاعات الرأي.

في مثل هذه الظروف العصيبة تدير قيادة المنظمة والسلطة أخطر الأمور بعقلية "إدارة الفشل الذريع"، وعقلية تفعيل أداء "الحصان الميت"، وتفقد الرؤية الثاقبة والبوصلة الصحيحة، وتبقى مجرد معبر للتطبيع المجاني مع العدو، وتقدّم مبررًا واهيًا للأعداء والخصوم بأننا شعب لا يستحق أن يحكم نفسه بنفسه وبكرامة.

وقيادة المنظمة إذا كانت تخاف حقًا على "الشرعية" فيجب أن تخاف عليها من عدوها اللدود وليس من شعبها الأبي. ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تُنسق مع الأعداء والخصوم، وتتجاهل شعبها وإرادته الحرة، ثم تتباكى بعد ذلك على "الشرعية" المفقودة.

الشعب الفلسطيني وقواه الحيَّة والفاعلة يئس أو كاد من هذه القيادة العاجزة... ولم يعد يشعر أن ثمة فائدة تُرجى من الاستمرار في الطرق على الأبواب المغلقة بإحكام في الوجه، بينما أصبحت التهم الجاهزة التي توجهها هذه القيادة لقوى الإصلاح والتغيير تهمًا ممجوجة تجاوزها الزمن وتجاوزتها الأحداث المتسارعة.

إن الضغط المتواصل على هذه القيادة وإجبارها بكل الوسائل المتاحة على إفساح المجال لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفق أسس صحيحة وسليمة مبنية على الثوابت الوطنية الأصيلة كان وما زال واجبًا وطنيًا مقدسًا. وإن لم تفعل هذه القيادة ذلك، فليس ثمة مجال للترف في الوقت والانتظار الطويل، فلا بد من تجاوزها وتجاوز "فزاعة الشرعية" الفارغة، ولا بد من السعي الحثيث لتطوير أدوات ضاغطة عليها للنزول عن الشجرة العالية التي تعتليها، كإيجاد أوسع تحالف وطني شامل، والسعي لإيجاد إطار قيادي انتقالي مؤقت، وتفعيل مؤسسات التمثيل الشعبي الحقيقية كإحياء النقابات والاتحادات والجاليات وغيرها.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة